الأربعاء، 21 مايو 2008

مى زيادة




الموضوع منقول لصاحبة اسامة الالفى - الاهرام الادبى هى مارى الياس زيادة المنحدرة من اب لبنانى وام فلسطينية المولودة فى مدينة الناصرة بفلسطين فى فبراير 1886 كانت مى فى الريع الأول من القرن الماضى نجمة الحياة الثقافية والادبية فى مصر ولم تتخلف ايضا عن القيام بدور اجتماعى يتمثل فى اسهاماتها فى النهضةالنسائية تلقت مى علومها الاولية فى مدرسة للراهبات بعين الطورة فى لبنان وفى تلك المدرسة تعلمت اللغة الفرنسية واجاداتها ثم انتقلت الى مصر مع والديها بحثا عن حياة ورزق افضل واصدر والدها فى القاهرة صحيفة المحروسة وبدأ اختلاطها بالبيئة الثقافية والفكرية والادبية مما اسهم فى تفجر ينابيع الموهبة الكامنة داخلها وصدر اول ديوان شعرى لها باللغة الفرنسية يحمل اسم ازاهير حلم ووقعتة باسم مستعار هو ايزيس كوبيا وفعلت الشئ ذاتة فى مذكراتها حين جعلتها باسم مستعار عائدة وفى هذه المذكرات يبدو تاثرها واضحا بأسلوب الشاعر الرومانسى الأنجليزى الشهير بايرون وفى عام 1915 جاءت نقلة مهمة فى حياتها اسهمت فى اندماجها فى المجتمع المصرى حيث تعلمت العربية على يد استاذ الجيل احمد لطفى السيد والشيخ مصطفى عبد الرازق واتاح لها هذا ان تكتب بلغتها القومية فى صحيفى والدها المحروسة وفى مجلة الزهور التى كان يصدرها مواطنها انطوان الجميل وانكبت على دراسة لغات اخرى ولم يمر وقت طويل حتى كانت قد اجادت الأنجليزية والالمانية والايطالية الى جانب العربية والفرنسية .تاسس صالون مى زيادة عام 1913 واستمر لربع قرنم من الزمن يضئ القناديل الدنيا الثقافة والفكر الأدب ولم يكن يخضع لمنهج او برنامج معين بل كان مفتوحا لكل المناقشات وكل المجالات فكرية ادبية وفنية لتنوع مذاهب ومشارب مرتادية الذين يجئ فى مقدمتهم اسماعيل صبرى, احمد لطفى السيد ,احمد شوقى ,حافظ ابراهيم , خليل مطران , عباس محمود العقاد , مصطفى صادق الرافعى , احمد زكى , رشيد رضا , منصطفى عبد الرازق , سلامة موسى, شلبى شميل , واسماعيل مظهر واسماء اخرى عديدة حتى لقد قال العقاد فى وصف اهمية وتأثير صالونها الأدبى " لو جمعت الاحاديث التى دارت فى ندوة مى لتألف منها مكتبة مصرية تقابل مكتبة العقد الفريد والاغانى فى الثقافتين الأندلسية والعباسية واجادة مى لأكثر من لغة اتاحت لها ان تنهل من بحور الثقافة والمعرفة الانسانية وان ترى فى تعدد الثقافات ثراء للفكر الانسانى فكانت من اوائل الذين دعوا الى اقامة جسور من الحوار والتفاهم والتبادل بين الثقافات الانسانية
كان لديها كما قالت عن نفسها جوع فكرى لايكتفى وعطش روحى لايرتوى فأغرقت ذاتها فى كتب الأدب والفلسفة والفكر والتاريخ والفن والموسيقى واسهمت فى الكتابة الصحفية عبر باب ثابت كانت تكتبة باسم مستعار تحت عنوان " يوميات فتاة " يضم خواطر ودراسات ادبية وفلسفية وتأملات فى الأدب والحياة كما انشأت عام 1926 بابا فى صحيفة السياسة الاسبوعية اسمتة "حلية النحل" وكان عبارة عن اسئلة واجوبة يتناوب قراء الصحيفة طرحها والاجابة عليها وكان دور مى صياغة ذلك بأسلوبها هى ولم تنس مى أنوثتها فى سعيها المحموم لطلب العلم والثقافة وانما وظفت هذا السعى لصالح جانب المرأة فيها اذ كانت ترى المرأة الشرقية مغبونة وأنها اسهمت فى صنع واقعها الذى تشكو منة بسلبيتها وعدم ةمحاولتها الاستفادة من علوم عصرها وفنونة . لهذا كان انخراط مى فى العمل النسائى وعلاقتها برائدة النهضة النسائية العربية هدى شعراوى التى وصفت مى" بأنها كانت تعرف قدر نفسها فى تواضع جميل" واهتمام مى بالمرأة هو ما دفع بها الى الاعجاب بشدة بالأديبة عائشة التيمورية واصدار كتاب عنها كما كان دافعها الى محاولة تحليل كتابات الرجال عن المرأة فى كتابها " كلمات واشارات " لمعرفة كيف ينظر الرجال الى النساء وكيف يرونهن من زاوية رجالية.بمثل هذه الروح الطموح الوثابة كانت مى زيادة تواجه عصرها متحدية كل الظروف التى تسهم فى تأخر المرأة واقفة على قدم المساواة مع رجال فطاحل فى زمن اعتادت فية النساء على الاكتفاء بالمقاعد الخلفية والبقاء خلف المشربيات ينظرن من بعيد الى العالم المحيط بهن وكان فى هذه الجرأة وتلك الثقافة وذاك الذكاء ما شد أعناق الرجال الى مى فاجتذبت عقولهم قبل افئدتهم اذا رأوا مى فيها نموذجا لم يألفوة من قبل نموذجا يرى فى علاقة الرجل والمراة ندية متساوية وزاد من اعجابهم بها انها برغم سفاياتها المتعددة وتنوع ثقافاتها وتحررها الفكرى ظلت متمسكة بشرقيتها لا تبتذل نفسها بل تسلح انوثتها وذكاءها المتوقد بالخلق والحياء .لا عجب إذن أن يقع معظم رجال الفكر والأدب والسياسة فى هوى امرأة بهذه المواصفات امرأة كان صوتها على حد تعبير عميد الأدب العربى د. طه حسين عذباً لا يكاد يبلغ الأذن حتى يصل إلى القلب فتتهاوى أمامها رجال كبار ينشدون وصلها وهى بذكاء المرأة تردهم عنها بلطف لا يخيب رجاءهم ولا يحققة ووصل التنافس بين الرجال على قلبها إلى حد أن زعم أن معركة "على السفود" الشهيرة بين الأديبين الكبيرين عباس محمود العقاد ومصطفى صادق الرافعى كان سببها تنافس العملاقين على شد انتباة مى فكانت معركتهم الأدبية صدى لصراعهم العاطفى لنيل قلب الأديبة النابهة أما مى نفسها فكان قلبها فيما يبدو معلقاً ببلدياتها الأديب والشاعر المهجرى الكبير جبران خليل جبران وكانت بينهما رسائل مشبوبة بالعاطفة مستعرة بالفكر وفى أحدى الرسائل كتب لها "حبيبتى مى ... خاطبت الناس جميعاً باسم الحب فقلت لهم : فلتكن هناك فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض فى حياتكم المشتركة ولتدعو رياح السماء تتراقص فيما بينكم ... أجل فليحب أحدكم الأخر ولكن لا تقيدوا الحب بالقيود ....بل يكن الحب بحرا متموجا بين شواطئ نفوسكم ... وكذلك الحب الذى يؤلف بين قلبينا ... يا مى يا نسمة روحى وعطر حياتى ...ودنيا اشواقى "ولكن مى أحست من رسائل جبران أن علاقتها به لن تصل إلى نهايتها الطبيعية ولن تكلل بالزواج فأغلقت قلبها دونه ودون الرجال جميعاً نأت عنهم بالقلب وإن ظلت مرتبطة بهم بالفكر وظلت عزباء إلى أن توفاها الله .وبرغم ذلك ظل الأمل يداعب قلوب الأدباء فى نيل قلبها وكسب يدها وكتبت عنه وفيها أشعار لم تكتب لأمرأة قبلها أو بعدها إذ لا يكاد شاعر من معاصريها لم يتغزل فيها ونرى شاعر يبلغ من العمر عتيا مثل اسماعيل صبرى لا يمنعة كبر سنة من أن يكتب متغزلا فيها وملمحا إلى ندواتها كل ثلاثاء : روحى على دور بعض الحى حائمة كظامى الطير تواقا إلى ماء إن لم أمتع بمى ناظرى غدا انكرت صبحك يا يوم الثلاثاء ويصف شاعر الرومانسية الكبير ابراهيم ناجى هيامة بمى قى قولةأحببت مية حبا لايعادلة حب وأفنيت فيها العمر أجمعةقد مر من دونها ما كنت أقطعةلقد أثرت مى زيادة الحياة الفكرية والثقافية والأدبية الثقافى الكبير الذى اعد أهم صالون أدبى عرفة الوطن العربى خلال القرن العشرين كما أثرتها بما قدمت من مؤلفات قيمة تناولت وتوزعت بتنوع ينابيع ثقافتها حيث تناولت الفن بعامة فى " المد والجزر" وتحدثت فى " الصحائف " عن شخصيات عرفتها ونادت فى المساواة بتحقيق العدالة والمساواة بين الرجال والنساء وكتبت ايضاً " باحثة البادية " ,"وردة اليازجى " , "الرسائل" ," ظلمات وإشعاع " , "ابتسامات ودموع " ورواية "رجوع الموجة" وكان يمكن لهذه الأديبة أن تستمر اشعاعاً متألقاً فى سماء الفكر والأدب لو لم يطمع أقاربها فى ثروتها ويغدروا بها اذ استطاعوا بالحيلة والغدر أن يودعوها فى مستشفى الأمراض النفسية " بالعصفورية" فى لبنان حيث أمضت سنوات من العزلة والمعاناة وحين تمكنت من الهرب والخروج من المستشفى والعودة إلى مصر كانت قد تحولت إلى شئ أخر إذ انطفأ فى داخلها بريق الحياة وغرقت فى بحور الكآبة والضياع وانعزلت عن الناس جميعاً إلى أن توفيت عام 1941 فى مصحة بالمعادى

هناك تعليق واحد:

tarek alghnam يقول...

الاخت رشا
سعيد ان اكون اول المعلقين على هذا البوست فى اول زيارة لى لمدونتك
مى زيادة الاديبة التى احبت وتعذبت بالحب
وكتبت اجمل مايكتب وماتت بعد حياة كلها ابداع ماتت فى ظروف قاسية وتركت لنا ابدعاتها
اشكرك على البوست الرائع
تقبلى تحياتى
واتمنى التواصل
ودمتى بود